مقدمة حول تاريخ تكنولوجيا المعلومات

 مقدمة حول تاريخ تكنولوجيا المعلومات

انتشرت العديد من النظريات والافتراضات التي تناقش تقدم المجتمع البشري عبر العصور، العديد منها اتفق على أن التقدم التكنولوجي لعب دوراً أساسياً قاد الحضارات الإنسانية نحو ازدهارها، فظهرت تقنيات ثورية رسمت معالم التاريخ وتم اعتبارها وسائل لتقسيمه إلى عصور، فالنار مثلاً تعتبر مثالاً عظيماً، فبرغم بساطته إلا أنه شكّل أحد معالم التاريخ. ومن ثم تَبع ذلك العديد من الثورات العلمية ابتداءً من اختراع اللغات وصولا إلى التلغراف والهاتف والطابعة وأخيراً الحواسيب. في عصرنا الحالي نعيش في تقدم متواصل حيث تزحف فيه تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي لتغزو كل جوانب حياتنا.

ولادة الحوسبة: من العداد وصولا إلى المحركات التحليلية

عند الغوص في سجلات التاريخ، نلاحظ سلسلة من الحقب التحويلية التي دفعت بعجلة التكنولوجيا نحو الأمام مشكلةً عالمنا الحالي. وكل حقبة شكلت عصراً مميزاً في تحقيق التطور العلمي.

في البداية بدأ الناس باستخدام العصي والحصيات كوسائل للعدّ، بعد ذلك اخترع الصينيون العداد قبل حوالي 4000 سنة، بعد ذلك ظهور العديد من وسائل الحساب المهمة مثل المسطرة المنزلقة (آلة تعتمد على النظام التماثلي لإجراء عمليات الضرب والقسمة)، باسكالين Pascaline (آلة حاسبة تجري العمليات الحسابية الأساسية)، آلة Leibniz (نسخة متطورة من باسكالين تجري عمليات أعقد)، محرك الفرق difference engine (آلة للحساب وطبع النتيجة)، وأخيرا المحرك التحليلي Analytical Engine. كل هذه الأدوات شكلت عماد العلم والهيكل الأساسي للثورة التقنية.

العصر الإلكتروني: الصمامات الثنائية، ENIAC، الترانزستورات

خلال هذه الفترة بدأ ظهور العديد من الأجهزة الإلكترونية وخاصة الحواسيب التي تحتوي على الصمامات الثنائية. كان الحاسب ENIAC هو الرائد حيث كان قادراً على القيام بالعديد من العمليات الحسابية، ومع ذلك كان يفتقر للأوامر البرمجية.  بالإضافة إلى عيوب عديدة أخرى منها كالحجم والتكلفة والاستهلاك العالي للكهرباء، ومن ثم تم حل هذه المشاكل باختراع الترانزستور حيث حلّ مكان الصمامات الثنائية. مما أدى لتقدم الحواسيب فأصبحت أصغر حجماً وأسرع وأكثر كفاءة.

انتشار الحواسب الشخصية

انتقلت تكنولوجيا المعلومات إلى مستوى متقدم في القرن العشرين من خلال استخدام الدارات التي تعتمد على عدة ترانزستورات مضمنةً بشريحة واحدة مُشكِلةً بداية المعالجات الصغرية، التي تجمع بين الذاكرة والمنطق ودارات التحكم، وتتمتع هذه المعالجات بأنها محمولة بفضل صغر حجمها. بهذه القفزة العلمية نكون انتقلنا من حواسيب بحجم الغرفة إلى أجهزة محمولة مثل IBM وApple، التي تستخدم على حدٍ سواء لكل من الاحتياجات الشخصية والعمل، كما أن ظهور لغات البرمجة والبرمجيات البسيطة مثل Words وOffice وغيرها جعلت الحواسيب سهلة الاستخدام دون الحاجة إلى المعرفة التقنية، مما جعلها تحقق انتشاراً كبيراً قاد إلى حدوث تطورات لاحقة كظهور الشبكات والأجهزة المحمولة وانتشار الانترنت.

الشبكات والانترنت: عالمنا الصغير

حقق الانترنت تقدماً كبيراً منذ أن تم ابتكاره، ففي البداية كان شبكة صغيرة تُستخدم من قبل العلماء والباحثين لمشاركة المعلومات، ومن ثم تطور مفهوم الانترنت ورافقه تطورات علمية مكّنته من أن يصبح شبكة ضخمة وواسعة تربط المليارات من الأجهزة حول العالم. تتصل الشبكات فيما بينها باستخدام الأسلاك والأكبال والأمواج الراديوية وغيرها، والبيانات التي تنتقل عبر الإنترنت يتم تحويلها إلى نبضات كهربائية تدعى bits والتي يتم ترجمتها وفهمها من قبل الجهاز المقصود الذي تصله البيانات، على أية حال تختلف سرعة وصول البيانات بحسب نوعية الموصلات المستخدمة فاستخدام الأكبال المجدولة لا يوازي أبداً استخدام الألياف الضوئية.

واجه انتشار الانترنت العديد من الصعوبات ولكن بشكل أساسي كانت أحد أهم التحديات كيف سيتم ربط أجهزة لها برمجيات وعتاد مختلف، هنا قام العلماء باستخدام مفهوم البروتوكول المعياري الذي يعني أنه بغض النظر عن برمجيات الجهاز أو عتاده، سيتم تحقيق الاتصال ووصول البينات عبر طبقات الانترنت مثل بنية TCP/IP دون حصول أية مشاكل.

إطلاق العنان لعصر الذكاء الاصطناعي والانترنت الأشياء

بعد أن كان الذكاء الاصطناعي مجرد نظرية لوقت طويل، في هذا العصر تحول الخيال إلى حقيقة حيث أن الباحثين والعلماء ابتكروا آلات تعتمد على الذكاء الاصطناعي قادرة على القيام بالعديد من النشاطات البشرية مثل التعرف على الصوت والتعلم الذاتي واكتشاف الأغراض في الصور أو الفيديوهات والعديد من الأمور الأخرى التي جعلت المجتمع البشري يعتمد على الذكاء الاصطناعي في شؤون حياته اليومية؛ بذلك يكون حلم البيت الذكي قد تحقق. على الناحية الأُخرى وبالابتعاد قليلاً عن الذكاء الاصطناعي، ظهر انترنت الأشياء الذي لا يقل أهمية بل ويعد مساعداً أساسياً مرافقاً لانتشار الذكاء الاصطناعي. يعني هذا المصطلح ربط كل جهاز بالشبكة العالمية؛ برغم أن المفهوم لا يبدو جديداً فهو تعريف الانترنت عموماً إلا أنه لم يعد يقتصر على الحواسيب والهواتف المحمولة بل وصل إلى الطائرات والأدوات المنزلية وساعات اليد وحتى الألبسة.

 

الخاتمة

في النهاية، تكنولوجيا المعلومات تطورت وتقدمت عبر التاريخ، فالبشر عموماً يميلون نحو جعل الأمور أسهل وأبسط لذا لم يتوقفوا عن البحث وظهروا دائما باختراعات جديدة ومفيدة. هذه الاختراعات لعبت دوراً أساسياً في حياتنا، ولكن من ناحية أخرى، أصبحنا الآن نعيش في عصرٍ تحدث فيه تغيرات كبيرة وسريعة ومفاجئة، جعلنا في حاجةَ دائمةَ لنبقى على اطلاعٍ دائم لمواكبة أحدث التقنيات. وبالنظر لبعض النواحي المخيفة، من الجدير بالذكر أنه لا بد أن نكون حذرين فهذا الانتشار الكبير والتقدم الهائل مصحوب بانتشار كبير للجرائم الالكترونية التي يجب أن نكون مدركين لها ولمخاطرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *